Thursday, September 30, 2010

Inception

يقولون ان كريستوفر نولان استغرق عشر سنوات في كتابة سيناريو هذا الفيلم، يجب أن يكون هذا قد تضمن بعض التركيز الإعجازي مثل لعب الشطرانج معصب العينين سائراً فوق سلك رفيع.

بطل الفيلم يختبر مهندسة معمارية في تصميم متاهة، ونولان نفسه اختبرنا بمتاهته الرائعة، وكان لزاماً علينا ان نثق في قدرته على ارشادنا داخل هذه المتاهة، لأننا في الكثير من الأوقات فقدنا القدرة على التركيز وفهم الكثير من الاشياء.

يبدو أن نولان نفسه قد أعاد كتابه سيناريو الفيلم مراراً وتكراراً، فهو يجد ان أقل تغير في أي جزء يؤثر على باقي أجزاء الفيلم.

قصة الفيلم يمكن أن تحكي في بعض جمل أو لا تحكى أبداً، لو عرفت نهاية الفيلم فإن ذلك لن يضيف أي جديد، يجب أن تكون قد عرفت كيف بدأت القصة بالأساس وحكى القصة سيضعك في حيرة كبيرة للغاية.

فالفيلم مبني على المتابعة والتفاصيل مبني على محاربتنا لطريق المعرفة خلال مجموعة من المعلومات مثل لعبة الصناديق المتداخلة بين الواقع والحلم، الواقعية داخل الاحلام، والأحلام دون الواقعية، هي بالفعل قصة مبهرة للغاية، ربما كان فيلم نولان (Momento) مجرد إحماء لهذا السيناريو، ويبدو ايضاً أن نولان بدا كتابه هذا الفيلم عندما كان يصور الفيلم الذي يحكي قصة شاب يعاني من فقدان ذاكرة قصير المدى، بينما يحكي نولان القصة بالعكس.

مثل بطل فيلمه الأول، يجد الجمهور نفسه في حيرة من أمر الزمن والحقائق، فلا أحد يعرف المساحة بين الحقيقة والحلم، كما يقول بطل الفيلم فإن الأحلام لا نعرف متى تبد، فنجد أنفسنا في وسط الحلم دون أن يكون له بداية محددة، ويمكن أن يستغرق الحلم ساعات طويلة بينما يبدو لنا أن دقائق فقط قد مرت، كما أنك لا تعرف متى كنت تحلم بالفعل، وماذا عن أن تكون دخل حلم رجل آخر؟ كيف سيتناسب توقيتك مع توقيت حلم الشخص الآخر؟ ماذا تفهم من ذلك؟

كوب (ليوناردو دي كابريو) عميل من مستوى رفيع للغاية يعمل على سرقة الأفكار بالدخول إلى أحلام الاشخاص وسرقة الأفكار والأسرار المهمة في حياتهم، لكنه يتم طلبه لفعل العكس عن طريق رجل أعمال غني، أن يقوم بزرع فكرة داخل عقل أحد منافسيه لتبدو الفكرة كأنها من داخل الرجل نفسه وليست مزروعة، هذا لم يحدث من قبل أبداً، فعقولنا تتنبه للافكار الغريبة كما يفعل جهاز المناعة مع للفيروسات المختلفة، سايتو الرجل الغني (كين وتنابي) أعطاه عرضاً لا يستطيع رفضه، عرض سيسمح لكوب العودة إل وطنه وأسرته بعد أن أجبر على تركه بسبب قضايا له هناك.

كوب يبدا في تجميع فريق للعمل في هذه المهمة، ونقابل فريقه تدريجياَ، آرثر (جوزيف جوردون ليفيت) صديقه وزميله القديم، إيماس (توم هاردي) متخصص في التخفي والتقليد، يوسف (ديليب ريو) متخصص في الكيمياء، وأحدث المنضمين للفريق، أرياندي (إيلين باج) مهندسة معمارية صغيرة وعبقرية، كوب يعود للتواصل أيضاً مع جد أولاده ميلز (ميكل كان) والذي يعرف ماذا يفعل كوب وكيف يفعله، هذه الأيام لا يحتاج مايكل كان لأكثر من أن يظهر على الشاشة لتشعر أنه أكثر خبرة وحكمة من أي شخص آخر في الفيلم، إنه موهبته الخاصة.

لكن أنتظر، لماذا يحتاج كوب لمهندسة معمارية لتبني مساحات في فراغ الحلم؟ يوضح كوب أن السبب في ذلك هو احتياج تصميم متاهة عالية الجودة لا تتيح للضحية أي فرصة لمعرفة الطريق إليها وحتى يمكن تثبيت الفكرة بشكل لا يمكن كشفه عن طريق عقل الضحية الملياردير الشاب روبرت فيشر جونيور (سيليان ميرفي) الذي يرث إمبراطورية أبيه، ويحتاج سايتو من كوب أن يقرر هذا الشاب تدمير هذه الإمبراطورية حتى يجيد سايتو مكاناً له في عالم الأعمال.

يحتاج كوب لأرياندي لتصمم متاهة معجزة حتى يتمكن –كما أظن- من تمرير الفكرة دون أن يشعر عقل الضحية، هل هي من قبيل المصادفة أن اسم أرياندا هو نفس اسم السيدة التي أنقذت ثيسيوس من متاهة مينتور في الأسطورة اليونانية الشهيرة؟

يبدأ كوب في تعليم أريادني عالم الحلم، وكيف تقوم بالتصميم داخله والتحرك فيه، استخدم نولان هذه الطريقة ليعلمنا ايضاً بعض تفاصيل الفيلم، كما استخدمها لعرض بعض المؤثرات البصرية الرائعة والتي بدت دون هدف في التريلر لكنها في الحقيقة مناسبة جداً وذات معني في الفيلم نسه، أكثر ما أبهرني كان تحريك مباني باريس كما لو كانت ورقة تثنى.

فيشر له من يحميه وهو عدد لا نهائي من الحراس المسلحين والذين يعملوا مثل جهاز المناعة في أجسامنا، لكنهم واقعين ولهم وجوه كما الإنسان العادي، بغض النظر عن شكلهم فدخولهم الفيلم أضاف الكثير من مشاهد الحركة، إطلاق النار، المطاردات، والتفجيرات، نولان المحترف للغاية استطاع أن يجبرني (إيبرت) على متابعة هذه المطاردات عندما كنت أظن أن لدي حماية من هذه المشاهد المكررة في الأفلام، سبب متابعتي لهذه المطاردات كان اهتمامي بالشخصيات التي تطارد والتي يتم مطاردتها.

نولان ساعدنا بإضافة بعد عاطفي للفيلم، فدوافع كوب للعمل في هذه الأجواء الخطيرة هو إحساسه بالذنب تجاه زوجته مول (ماريون كوتيلارد) وطفليه، لا أتحدث مع أخري (وإن كنت لا أستطيع) عن جمال كوتيلارد في تجسيد شخصية المراة المثالية، كوتيلارد صنعت من مول مغناطيس عاطفي، والحب بين كوب ومول كان عنصر عاطفي ثابت في حياة كوب وتصرفاته.

إنسيبشن كان محبب لدي الجمهور كما هو حال مومينتو، نسجل الملاحظات عن ما يحدث الآن بينما نتحرك مع الفيلم دون أن نعرف أين نحن بالفعل، بالإضافة إلى مفاهيم الحياة، الموت والحب التي تملأ الفيلم مع الشركات متعددة الجنسيات والمشاهد المصنوعة بحرفية شديدة من نولان مثل مشهد الطائرة 747 (لا أعرف لماذا يجب أن تكون 747) كل هذه العناصر جعلت الفيلم محبب بشدة للمشاهدين.

معظم أفلام هذه الأيام تأتي من سلة المهملات إما أجزاء جديدة لأفلام قديمة، إعادة إنتاج أفلام قديمة، لكن هذا الفيلم (Original) تم تفصيله من أقمشة جديدة، ولا يزال الفيلم يحتوى على مشاهد حركة مصنوعة بحرفية شديدة أضافت للفيلم بشدة، أعتقد ان هناك بعض الثغرات في فيلم "مومينتو" مثل كيف لشخص يعاني من فقدان ذاكرة على المدى القصير أن يتذكر أنه يعاني من ذلك، لم أجد ثغرات في "إينسيبشن" لكن البعض قد يجد، كريستوفر نولان قام بإعادة اكتشاف "باتمان" لكنه هذه المرة لم يعيد اكتشاف أي شيء هذه المرة، بل أعطى الفرصة للعديد من المخرجين حتى يقوموا بإعادة إنتاج فيلمه بأشكال جديدة، أظن ان نولان عندما أنتهي من هذا الفيلم قام بتقطيع الخريطة التي ظل يستخدمها طوال الفيلم ليفهمه.

Ebert

Me

لا يسعني سوى الاتفاق الكامل مع إيبرت، خاصة فيما يتعلق بكوتيلارد، نولان نجح في الفيلم في صنع شيء جديد للغاية، أضيف على ملاحظات إيبرت، تقدير لمبدأ نولان في التعامل مع زرع الفكرة، فقد استخدم مفاهيم نفسية علمية في فيلمه، نولان صنع عدة مستويات في فيلم.

أحد المستويات يخص طريقة زرع الأفكار فالعقل الباطن للإنسان به مستويات للشعور وهي حقيقة علمية لم يخترعها المؤلف فالإنسان قادر علي التعامل مع المستوي الأول من الشعور في عقلة الباطن أو اللاوعي وهذا المستوي هو التفسيرات الأولي لتصرفاتنا كلها لكن التفسيرات الحقيقية للتصرفات الإنسانية تبقي في مستويات شعور أدني من ذلك، وهو ما ينجح في استخلاصه الأطباء النفسين بمعرفتهم للماضي وتفاصيل شخصية المريض لتحليل المستوي الثاني والثالث للشعور ولكن تبقي مستويات أخري للشعور لا يستطيع الإنسان الوصول إليها إلا في حالة واحده هي الجنون.

فالمجنون هو الشخص الذي أدرك الكثير من مفاهيم عقلة الباطن في مستويات شعور متدنية للغاية تدفن فيها الأسرار والمعتقدات التي لا يفسرها الإنسان أو تلك الراسخة داخله، التلاعب في مستويات الشعور الدنيا يضع الإنسان علي حافة الجنون.

بطل الفيلم قادر علي زرع الأفكار من خلال وضعها في إحدى المستويات المتدنية للشعور في اللاوعي ومن خلال تلك النظرية يلج البطل في مستويات الشعور المختلفة للوصول لأدني مستوي يكون قادر فيه علي زرع الفكرة الأزمة أن هذا التدني قد يضعك علي حافة الجنون وحتى يستطيع المشاهد استيعاب تلك الأفكار النفسية وضع نولان نظريات من خياله عن التباعد الزمني بين كل مستوي.

فالمستوي الأول للشعور عند الحلم يجعل اليوم الحقيقي حوالي خمسين ساعة بينما الولوج للمستوي الثاني يعني تضاعف الوقت والتضاعف لا يعني ضرب الرقم في أثنين لكن يعني ضرب الرقم في نفسه فكما أتذكر في الفيلم العشر ثواني في المستوي الأول تعني 180 ثانية في المستوي الثاني وحوالي ساعة في المستوي الثالث وخمسين عام في المستوي الرابع.

وفي حالة الفشل في المستوي الرابع من اللاوعي قد يبقي الإنسان مدي حياته أو هكذا يتصور داخل أحد أحلامه ولو حاول الخروج من الحلم سيصحو ليكون قد ذهب عقله.

تقدير إيبرت للفيلم (10/10)

تقديري للفيلم (10/10)

3 comments:

البراء أشرف said...

تسلم الأيادي.

Ahmed Fouad Eldin said...

الله يخليك يا معلم فينك من زمان

Mai Kamel said...

unique as well as the movie :D:D:D

Post a Comment