Saturday, October 23, 2010

Fight Club


نادي القتال بين الفشل اللحظي والنجاح بعيد المدى:

إيبرت يصف الفيلم بالأكثر عنفاً وهمجية في التاريخ ويسخر من مشاركة براد بيت وإدوارد نورتن فيه


Roger Ebert Review
يمكن وصف فيلم "Fight Club" بأنه أمتع فيلم فاشي صريح ظهر بعد فيلم "Death Wish" الذي يسمح فيه الأبطال لأنفسهم بشرب الخمر، تدخين المخدرات، وضرب بعضهم البعض.

يقوم أبطال الفيلم بضرب بعضهم البعض من قبيل التغير، أصبح هذا هو شكل الجنس الجديد في أفلام هوليوود، فبدل من المشاهد الجنسية التقليدية أصبحت قمة المتعة في غلق غرفة على رجال يقوموا بضرب بعضهم، أي امرأة لديها أطفال ذكور ستفهم أن هيرمون التستوستيرون لدي الرجال يساعد على تقوية هذه المشاعر وتحفيزها.

بطل الفيلم "إدوارد نورتن" يعاني من اكتئاب ووحدة وغضب من كل شيء، ويصف حياته في جملة حوارية تتضمن سباب اجتماعي ساخر، فحياته وعمله يقودانه للجنون، وللتخلص من آلامه يقرر أن يزور عيادات العلاج الجماعي ليحتضن من هم أقل حظًا منه في محاولة للتنفيس عن نفسه، ليس من قبيل الصدفة أن أول عيادة يذهب إليها البطل تكون لمرضي أجروا جراحات للتخلص من سرطان البروستاتا، فكل خطوات الأبطال تسير نحو الحفاظ على الرجولة.

المشاهد الأولي في الفيلم جيدة، حيث يقوم البطل بحكيها بلهجة ماكرة كما فعل ناسينال ويست في رواية"Miss Lonelyhearts"، تسير الأمور على ما يرام وتعمل هذه الزيارات كمهدئ مؤقت لحالات البطل الاكتئابية، لكن ثمة مشكلة تواجهه عندما يلاحظ فتاة تدعي "مارلا" (هيلينا بونهام كارتر) فهي سائح مثله تماماً تزور العيادات المختلفة لتخفف من آلامها، مارلا تفسد خطط البطل فهو يعرف أنه مريض غير حقيقي لكنه لا يحتاج لمرضي مزيفين مثله، بل يريد أن يشعر بأن الجميع حوله يتألمون وهو ما لا يحدث مع مارلا.

على الطائرة يقابل البطل شخص جديد يغير حياته، تيلور دوردين (براد بيت) الذي يدخل إلى قلب وعقل البطل سريعاً، وعندما تنهار الشقة التي يسكن فيها يقوم بالانتقال للعيش في مخبأ تيلور حيث يتعرف للمرة الأولى على نادي القتال الذي قام تيلور بإنشائه في السر، حيث يقوم الرجال بالاجتماع فيه لضرب بعضهم البعض للتخلص من مشاكلهم.

هذه هي النقطة التي يتحول فيها الفيلم من كونه زكي وبارع إلى أكثر الأفلام همجيه، عنف، وضرب متواصل تم تصويره على الإطلاق، فبالرغم من أن أي شخص عاقل يدرك أن ضرب شخص آخر بقبضة يده فقط كفيل بكسر عظامه، إلا أن المنضمين لنادي القتال يقوموا بضرب بعضهم البعض بقبضات من حديد، وآلات حادة ورغم ذلك فإننا نراهم يعودا لممارسة حياتهم مع ذلك بسهولة، ومع ذلك فإن الفيلم يتحول للمرة الثانية وكأنه أصبح لزاماً على أي فيلم أي ينتهي بشكل مختلف عما بدا فيما يعرف الآن بحمى "كيسر سو"*.

* كيسر سو هو أحد شخصيات فيلم "The Usual Suspect" ويعتبر من أوائل الأفلام التي شهدت تحولاً درامياً في أحداثها في نهايتها بشكل مبهر وغير متوقع.

عن ماذا يتحدث الفيلم؟ بالنسبة لدوردين يتحدث الفيلم عن تحرير نفسك من قيود الحياة العصرية التي تسجن الرجال وتخصيهم، فعن طريق تبادل الآلام والمجازفة بالحياة يحصل أعضاء نادي القتال على الحرية، فيلم مثل "Crash 1996" يبدو كرتوني بالنسبة لما يفعله دوردين صاحب الكاريزما القوية والشخصية الغامضة القادر على دفع عشرات الرجال إلى المشاركة في نادي لضرب بعضهم البعض.

بالتدريج تظهر نوايا وخطه دوردين، يقول دوردين "نتحرر فقط عندما نخسر كل شيء"، تبدو هذه الأفكار كأنها جاءت لرجل قراء كتاب لنيتشه وهو في طريقه ليتناول البيرة، في رأيي هو لا يمتلك حقائق مفيدة، لم يتحرر أي من أفراد نادي القتال أو يتخلص نهائياً من مشاكله، هم فقط تحولوا لطائفة مثيرة للشفقة، سواء كان دوردين يمثل الجوانب الخفية لنفسيه الرجال أم لا فإن الفيلم لم يستطع الهروب من حقيقة مهمة، نادي القتال ليس مشكلة بسبب نهايته لكنه أزمة بسبب التصرفات التي تحدث فيه.

بالطبع فإن فيلم "Fight Club" لا يحاول الدفاع عن نظريات دوردين لكنه يحاول التحذير منها، على ما أظن، فالفراغ والمخدرات والحياة الصعبة قد تكون دافع للرجال للتصرف بجنون، لكن الحقيقة أن هذه الأفلام هي من تدعوا الرجال للتصرف بجنون وليس العكس، ورغم أن بعض المحنكين قد يخرجوا من الفيلم ليصفوا الفيلم بأنه جدل هو هذه التصرفات، فإن العديد ممن شاهدوا الفيلم سيخرجوا ليضربوا بعضهم البعض عوضاً عن التفكير في الجدل الذي يصدره الفيلم.

يعلم الله أن أبطال الفيلم عملوا بجد في هذا الفيلم، فنورتون وبيت تحملا من الآلام الفيزيائية ما يفوق ما تحملته ديمي مور في فيلم "G.I. Jane"، كما تحملت هيلينا الكثير فكل الرجال في الفيلم يروا أن كسر أنوفهم أفضل كثيرًا من ممارسة الجنس معها، حقيقة لا أعرف لماذا يوقع ممثلين جيدين مثل هؤلاء لهذه الأفلام، ربما كان ذلك كعقاب بدلاً من تسلق الجبال.

الفيلم قام بإخراجه "ديفيد فنشر" ويتشابه كثيرة مع فيلمه السابق "The Game" حيث الكثير من العنف يظهر بين مجموعة من المراهقين الصبيان، مع وجود "مايكل دوجلاس" كرجل يكره الرأسمالية ويحاول التخلص منها، أفضل "The Game" عن "Fight Club" فللأول موضوع أما "Fight Club" فيبدو كقصاصات دموية عن التشوهات الاجتماعية ألقيت على مجموعة من الغوغاء.

فينشر مخرج جيد (أعماله تتضمن "Alien 3" واحد من أفضل الأفلام السيئة التي شاهدتها من ناحية الصورة و فيلم "Seven" المروع المثير)، باختياره فيلم "Fight Club" يبدو أن فينشر كان يبحث عن القمة، الفيلم كان ليبدو أفضل لو اعتمد على بعد مستوي واحد فقط، فالمستوي الثاني كان سيئ، الثالث كان ملفق جداً، قد يكون فنشر يتوقع رسالة معينة من الفيلم، لكن الرسالة التي ستصل للجمهور بالتأكيد ستكون مختلفة جدًا، فيلم "Fight Club" هو فيلم مشوق يتوهم أنه فلسفي، البعض سيتقيأ بمجرد مشاهدته والبعض الآخر سيشاهده مرات ومرات.

Roger Ebert
Van Gogh
Me

هل تستطيع تفسير سبب المعاناة التي عاشها فان جوخ في حياته والتقدير غير المبرر الذي لاقه بعد وفاته؟

الإجابة على هذا السؤال ستمنعك من سب روجر إيبرت لو كنت من معجبي الفيلم، وستمنعك أيضاً من الاتصال بكل أصدقائك المحبين للفيلم لتشمت فيهم، الحقيقة أن الفن قادر على استيعاب كل الآراء، كما أن الوقت كفيل بتغير رأي الكثير من الناس وقادر أيضًا على كشف جوانب كانت خفية، وإزالة عوامل قد تؤثر على آراء الناس، تمامًا كما حدث مع "Fight Club" الذي أعتبره من أكثر الأفلام التي صاحبها النحس لسنوات وفي أماكن مختلفة.

البداية كانت مع مذبحة مدرسة كولومباين -1999- والتي كانت سببًا في تأخير عرض الفيلم شهور عن موعده الأصلي بسبب الخوف من تأثير مذبحة قام بها طالبين حيث قتلا 12 طالب ومدرسة وأصابا 21 طالب آخر، بالطبع ظهور الفيلم الذي يعتمد على العنف كموضوع كفيل بمنع وصول أي رسائل فلسفية قد تكون هي الدافع الحقيقي وراء الفيلم.

الفيلم حقق بداية سيئة في دور العرض، ولم يحصل على أي جائزة مهمة، لكنه حقق واحدة من أعلي مبيعات الدي في دي في العالم بعد أن اختفت المؤثرات التي حجبت الكثير من روعة الفيلم.

إيبرت شاهد الفيلم فور نزوله وكان متأثرًا بالحادثة بشكل أو بآخر رغم أنه لم يغير رأيه حتى الآن عن الفيلم، إلا أن ذلك قد يكون لأنه لم يكتب مرة ثانية عن الفيلم، يري إيبرت أن بداية تحول الفيلم للسوء عندما ظهر نادي القتال، ربما كذلك فالفيلم أخذ منعطفاً قوياً عن ما كان يسير عليه لكنه لم يتحول للأسوأ أبدًا، فهذه الفكرة هي تعبير حقيقي عما يدور بذهن العديد من الرجال وهي سبب وجود دمى عليها صور رئيسك في العمل لتضربها بعد انتهاء أوقات العمل الرسمية.

الحالة النفسية لبطل الفيلم والتحولات التي تحدث له هي مثال واضح وواقعي لما يمر به الكثير من الرجال في عصر الأزمات المالية والمعاشات المبكرة، ففقدان الوظيفة أو فقدان الهدف في العمل كفيل بجعل الرجل يتخلي عن صفة الإنسان بسهولة، فأحد الأمراض المصنفة كأمراض نفسية هي البطالة.

حوار الفيلم رائع جدًا وفلسفي للغاية، لكن بوجود سحابة كولومباين أمام الكثيرين ممن شاهدوا الفيلم قد تكون صعبة الإدراك، أداء براد بيت وإدوارد نورتون من أفضل ما شاهدته في الفترة الأخيرة، خاصة مع التحولات التي تطرأ على الشخصيات في نهاية الفيلم، نهاية الفيلم غير المتوقعة كانت مؤثرة بالنسبة لي بنفس الطريقة التي أثرت على نهاية فيلم "The Usual Suspect"، لم تكن تلك النهاية غير منطقية أو ملفقة كما يدعى إيبرت لكنها أصل موجود في الفيلم ونتيجة حتمية وتبرير منطقي لشخصية البطل، فبعد إدراك حقيقة الأمر سيكون من السهل فهم كل الأحداث وفهم دوافع البطل.

حصول الفيلم على المركز الـ17 في قائمة أفضل 250 فيلم على موقع imdb يؤكد تعرض الفيلم للظلم وقت عرضه بشدة، الفيلم تعرض لظلم آخر أو بالأحرى نحس جديد، فالترجمة العربية التجارية لاسم الفيلم كانت "نادي القتال" واعتقد محبي فان دام أن الفيلم على شاكلة أفلام ممثلهم المفضل، بينما ظن كارهي هذه النوعية من الأفلام أنه من نفس النوع، حتى أن أحد أصدقائي رفض مشاهدة الفيلم لنفس السبب لسنوات طويلة قبل أن يشاهده بالصدفة على قناة "mbc 2" ويندم على عدم مشاهدته للفيلم عندما حصل على فرصة لذلك.

تقدير إيبرت: 5/10
تقديري: 9/10


1 comment:

محمد حسين said...

أعتقد أن السيد إيبرت مثلي جنسيا (هذه ليست إهانة بشعة بالنسبة للغربيين الذين تعلموا التصالح مع المثلية، ولا أقصد بدء تعليقي بإهانه صاحب المقال النقدي)، هذه هي المقالة الثانية (بعد الأب الروحي) التي يبدي فيها إيبرت عدم ارتياحه تجاه الأفلام الذكورية، لا أجذم بأنه مثلي، ولكن في المقالات القادمة ستظهر نواياه أكثر، في النهاية ربما يكون سابحا وسط التيار العام لهوليوود الذي يرفض المثلية علنا ثم يتقبلها ويدعمها بعيدا عن أعين الجمهور
أرى تجاهلا متعمدا للأصل الروائي للفيلم، الرواية التي كتبها تشاك بولونيك وقال إنه محاولة منه لإعادة الذكورة إلى الفن، مما يعني أن الغرض واضح منذ كانت أحداث على ورق. ما يسعى له بولونيك حسب فهمي، هو إزالة الرواسب الأنثوية التي غطت عملية الفن نفسها، أصبح على المؤلفين (طبقا لهذه الرواسب) أن يضعوا الرجال في قوالب أبوية من وجهة نظر أنثوية، الذكر دائما غائب، وإذا جاء يظهر ارتباكه، وإذا أخفى ارتباكه فهو يفعل هذا لأنه حيوان لا يهتم إلا بالجنس (راجع مرتفعات ويذرنج وجين إير لكونها نماذج الأعمال الأنثوية)، لكن ماذا لو كان هناك رجال يهتمون بضرب بعضهم أكثر من الجنس (الفزع أصاب إيبرت لأنه لا أحد يريد النوم مع مارلا إلا وهو تحت تأثير المخدرات)، في الحياة الحقيقية تبدو الحرب أكثر إغراء من الجنس، وإلا فسر آلاف الحروب التي يذهب لها الرجل متحمسا، وتاركا أحضان زوجته الدافئة
العراك هو وسيلة للحصول على الاحترام عبر تعديل موازين قوى مختلة، الاحترام شيء ليس صغيرا في عقول الرجال، بينما هو شيء سخيف في العقلية الأنثوية البراجماتية التي تفضل حل خلافاتها في خفاء وبدون تقاليد (السم في الشراب هو سلاح المرأة الأول، بينما الرجال يختارون المبارازات الفردية)، وهذا ما يجعل عصابة ديردن ذات منطق مفهوم للرجال، فهم يبحثون عن الاحترام في عالم قامت بتربيته أمهات عاملات وغير متفرغات لأولادهن
منذ الفيلم السابق، أنا متفق مع أحمد فؤاد على أنه هناك بعض الأفلام التي تحتاج أن تنضج داخل البنية الاجتماعية حتى تظهر قيمتها النهائية، لكني لست متفقا على كون الفن يتقبل الشيء وعكسه برحابة ودون صراع. الفن هو أفكار، وقد جاءت الأفكار للتصارع وتسود وتنهزم وتثور مثل البشر تماما. لو كان الفن متساهلا لهذه الدرجة فما الذي يدفعني للكتابة إذا كان السيد فن سيكتفي بوضع فكرتي على رف يضم الأفكار المشابهة لها؟ لقد جاءت الفكرة لأن هناك ميزان قوى يحتاج لأن ينعدل (نفس فكرة الصراع الذكوري)، وأرى أن فكرتي قادرة على هذا فأطلقها على الحلبة لعلها تفوز أو تعود لي مهزومة محسورة فأربيها من جديد وأعالج أخطائها استعدادا للمبارزة القادمة (كلمة الثقافة في اللغة العربية تعود للفظ خاص بالمبارزة).. هذا هو الأمر من وجهة نظري، وربما أكون مخطئا، والرجال هم من يقبلون بنواقصهم، عكس المرأة التي لا تتقبل هذا حتى لو كانت المخلوق قبل الأخير في الكون

Post a Comment